
من القصص التي تُروى عن الصوفي المرموق جلال الدين الرومي في بداياته انه كان عالما وفقيها في مدينة قونيا التركية فصادف في احد الايام درويشا رث الثياب بسيط المظهر وأخذ الرومي يترقبه باشمئزاز بينما هو يقلب صفحات كتاب مقلوب، ثم يرمي به في بحيرة قريبة. شعر الرومي حينها بالغضب فخاطب الدرويش بصرامة موبخا إياه لرميه لمصدر علم وتضييعه له. نظر الدرويش إلى الرومي ببرود ثم سحب الكتاب من الماء سالما معافى وقال للرومي: “اطلب العلم الذي يترسخ في القلب وليس العلم الذي في الكتب.” انبهر الرومي بالدرويش وطلب منه أن يتبعه كي يتعلم الحكمة منه. رفض الدرويش ولكن بعد إلحاح كبير قبل بشرط ان يذهب الرومي في الصباح ويشتري خمرا يبيعه للناس في السوق. رفض الرومي مبدئيا شارحا على انه فقيه ولا يصح ان يفعل هذا لأنه لن يوثق به بعد ذلك، ولكنه مع ذلك امتثل لرغبة الدرويش وقام في الصباح يحاول بيع الخمر للناس. نبذه الجميع ونظروا إليه نظرات مليئة بالسخرية والاحتقار ولم يشتر منه احد فعاد يشكو خيبته للدرويش الذي اخبره انه الآن فقط اصبح مستعدا للتعلم بعدما تخلص من تكبره وعجرفته.
كان ذلك الرومي! تعلم ان التواضع حِلم واتخذه نهجا في حياته فعلم به الكبار والصغار على مختلف طوائفهم وأديانهم. انتقل الرومي إلى مدينة قونيا عندما كان صغير السن في وقت كان المغول يسيطيرون فيه على جزء كبير من العالم. قيل أن والده انتقل من افغانستان هربا من المغول إلى تركيا وهناك تلقى الرومي تعليمه وألف ما ألف من الأشعار والمقالات الجميلة والمعبرة. يقال أن الرومي هو أول من أحدث رقصة المولوية المشهورة. تعتبر رقصة الدراويش تلك نوع من أنواع الذكر والتعبد وهي تحاكي دورة الكواكب وتعبر عن العشق الكبير للخالق حيث يرغب الراقص في الترفع عن كل ما هو دنيوي. يرفع الراقص يده اليمنى ويخفض يده اليسرى ثم يرقص طبقا لحركات دائرية هدفها تطهير النفس والتسليم لخالق الكون على أنغام قصائد الرومي المليئة بالعشق للخالق والمخلوقات.