
يوم السعادة حدث عالمي يتم الاحتفال به في جميع أنحاء العالم، وذلك لأهمية السعادة والرفاه بوصفهما قيمتين عالميتين يتطلع إليهما الناس أينما كانوا. إحتفل العالم أول مرّة بهذا اليوم عام 2013، إختير يوم الإعتدال الربيعي العشرون من شهر آذار / مارس ليُمثل هذا اليوم. فما هي السعادة؟
السعادة هي مفهوم واسع ومُعقّد، والكُل يسعى لها، لكن يختلف معناها ويتفاوت مفهومها وطُرق الوصول إليها على إختلاف الناس. وبرغم هذا التفاوت، فيُمكننا تعريف السَّعادة عموماً على أنها الشعور بالرضا والراحة النفسية والطمأنينة والبهجة، وعلى عكس ما قد يضنّه البعض بأن السعادة هي غياب الحُزن أو المشاكل والصعوبات، بل هي حالة إيجابية من الرضا بالحياة والإحساس بالسلام والطمأنينة والتجارب المُمتعة بالرغم مما يَمرّ به الإنسان من صعوبات. وعلى الرغم من كون السعادة قرار داخلي وسلوك شخصي، لكنهُ يكون مُستحيلاً عند عدم توفر أبسط مقومات الحياة الآمنة الكريمة للإنسان، لذلك كانت فكرة الإحتفال بهذا اليوم العالمي، والهدف منه هو تعزيز مقومات السعادة ونشر الإيجابية بين فئات المُجتمع. وإتباع نهج أكثر شمولاً وإنصافاً وتوازناً تجاه نموّ إقتصادي يُحقق التنمية المُستدامة، والقضاء على الفقر، لِضمان الوصول إلى السعادة والرفاه لجميع الشعوب.
تكنلوجيا العصر الحديث، وبالأخص الإعلام المُوجَه، ومواقع التواصل الإجتماعي كانت أحد أهم أسباب تشويه حقيقة السعادة وطُرق الوصول إليها، فأصبح الشباب يعتقدون أن كُل ما ينقلهُ الناس من مظاهر الحياة الفارهة والترف والسعي للحصول على الأموال والسُلطة هو مصدر السعادة أو على الأقل الطريق إليها، ولا يعلمون أن الصورة التي ينقلها مُعظم هؤلاء “المؤثرين” إن لم يكونوا جميعهم، هي ليست حقيقية وإنما هي مواد تصويرية حالها حال الأفلام والمُسلسلات التلفزيونية، ينشروها للحصول على مُشاهدات وتسويق بضائع وتحقيق مبيعات، أو تقديم خدمات مُعينة مقابل أجور. فأصبح من واجبنا أن ننشر الصورة الحقيقية للسعادة وكيف أنها تنبع من داخل الإنسان، فلذلك تكون غاية مُمكن تحقيقها بسهولة.

إحدى الطُرق المُهمّة للتوعية ولو كانت تُعتبر بدائية هي نشر قصص وإقتباسات وحكم عن السعادة ليتفكر بها الناس ويعتبروا، نشارككم في بعضٍ منها:
أول إقتباس هو: السعادة هي وجهة، وليست رحلة.
والإقتباس الثاني: سعادة حياتك تعتمد على جودة أفكارك. والثالث: السعادة هي خيار؛ لذلك إخترها. وآخرها: السعادة تكمن في أشياء بسيطة.
هنالك عدة قوانين أساسية للوصول إلى السعادة:
أولاً: تقبل الإنسان لذاته بعيوبهِ وأخطائهِ، كما هي في الأمور التي لا نستطيع تغييرها، والعمل بمثابرة على تغيير ما نستطيع تغييره وتطويره، وكذلك تقبل الآخرين بنفس الطريقة، وتقبل الأحداث والمواقف التي لا نملك قدرة السيطرة عليها، برضا وصبر.
ثانياً: تقدير ما نملك من الأشياء الجميلة واللحظات الحلوة في حياتنا مهما كانت صغيرة أو قصيرة والتركيز عليها، بدل من إضاعة الوقت في التفكير والتركيز على ما لا نملك. حيث أثبتت الدراسات أن مُمارسة الإمتنان يُقلل من حالات القلق والإكتئاب، ويَزيد من الرضا وبالتالي الإحساس بالسعادة.
ثالثاً: إختيار العلاقات الإجتماعية الإيجابية والتي تُساعد على رؤية الجانب الأجمل من الحياة، وتُساعد في زيادة الإحساس بالإطمئنان والأمان وهُما من أساسيات السعادة.
رابعاً: تطوير الذات والنموّ الشخصي كتعلم خبرات جديدية أو مُمارسة رياضة مُعيّنة، حيث أثبتت الدراسات أنهما يُساعدان كثيراً على زيادة الثقة بالنفس وبالتالي يجعل الإنسان يشعر أنه يستطيع تغيير واقعه إن كان لا يرغب فيه إلى واقع أجمل.
خامساً: العطاء ومُساعدة الآخرين هُما من المفاهيم التي بدأت بالإنحسار في عصرنا هذا مع أنها من أهم الأعمال التي تزيد من الإحساس بالسعادة بنسبه عالية. فلذلك نرى الأشخاص الذين يتطوعون للقيام بأعمال خيرية، أو يقومون بمساعدة أصدقائهم وأقاربهم حتى ولو بتقديم النصائح أو الدعم العاطفي، يشعرون برضا عالي مما يُعزز اإحساس بالسعادة.
سادساً: الموازنة بين العمل والحياة الشخصية يُؤدي إلى تحقيق توازن صحي بين الإلتزامات المهنية والحياة الشخصية، ويتطلب ذلك تحديد الأولويات، وتخصيص وقت كاف للعائلة والهوايات والاسترخاء.
سابعاً: قضاء الوقت في الطبيعة والتفاعل معها يُعزز من الشعور بالسعادة والسلام الداخلي، وتوفر لنا الطبيعة فرصة للإبتعاد عن ضغوطات الحياة اليومية؛ أظهرت دراسات عديدة أن قضاء الوقت في الطبيعة قد يقلل من مستويات التوتر والاكتئاب، ويحسِّن المزاج العام، كما تعزز بعض النشاطات مثل المشي في الحدائق، والتخييم، أو مجرد الجلوس في مكان طبيعي هادئ الشعور بالسلام الداخلي.
ثامناً: المرونة النفسية وهي القدرة على التكيف مع التحديات والضغوطات، والتغلب عليها بفاعلية، وتتضمن هذه القدرة التعامل مع الفشل والنكسات بمرونةٍ، والتعلم منها بدلاً من الاستسلام لها. ولهذا فإن بعض الأشخاص يواجهون صعوبات في حياتهم المهنية أو الشخصية، ولكنهم ينجحون في التعافي والتقدم بفضل مرونتهم النفسية. كما أن المرونة النفسية تساعد على تحويل التحديات إلى فرصٍ للنمو والتعلم.
وفي الختام، نتمنى لكم حياة سعيدة.