
بكل دقة وأناقة واعتبارات لأصحاب البيت وضيوفه، بل وحتى جيرانه، صُمم البيت الدمشقي في أجمل وأبهى الحلل.
يتراءى لك البيت الدمشقي من الخارج متواضعا لايميزه شئ يذكر، فهو منزل بسيط كباقي المنازل المحيطة به. يقال أنه صُمم كذلك من الخارج ليراعي شعور ذوي الحاجة ويبدو لكل الجيران أنه منزل مشابه لمنزلهم سواء كانوا فقراء أو أغنياء. وفي إطارالحرص على مراعاة الناس و حسن الجوار، لا يخلو البيت الدمشقي العتيق من “المندلون” وهو شباك صغير يربط البيت الدمشقي ببيت الجيران ومنه تتجاذب الجارات أطراف الحديث وتتبادلن الأطعمة.
ما إن تطأ قدماك البيت الدمشقي حتى يبدو وكأنه لوحة معمارية رسمت بأيدي فنان ماهر. تتوسط البيت الدمشقي باحة كبيرة تسمى “الديار” مفتوحة السقف تتوسطها بحرة هادئة وتحيط بها أزهار الياسمين وأشجار الليمون والنرنج. في مكان مرتفع قليلا غيربعيد عن صحن الدار، يوجد “الإيوان” وهو مكان مخصص للضيوف تميزه زخارف سقفه الخشبية وحيطانه البديعة. يتكون البيت الدمشقي غالبا من طابقين، ولكل ركن من أركان البيت، توجد تفاصيل دقيقة تشهد للفنان المعماري بعبقريته وجماليته وانتماءه.
تلك بيوت هي حقا كما وصفها الشاعر السوري نزار القباني عندما قال: “هل تعرفون معنى أن يسكن الإنسان في قارورة عطر، بيتنا كان تلك القارورة.” فالبيت الدمشقي هو قارورة عطر بياسمينه ونرنجه وليمونه، وهو أيضا قارورة عطر بدفئه واحتواءه للقاطنين والعابرين على حد سواء.