لبنان، بلد الانهار يعاني من جفاف تاريخي

مر شهر يناير/كانون الثاني بأكمله في لبنان دون هطول أمطار كثيرة – وهي علامة مقلقة لبلد يعاني بالفعل من آثار التعافي بعد الحرب والأزمة الاقتصادية التي استمرت لسنوات عديدة. تاريخيًا، يتميز مناخ لبنان بصيف حار وجاف وشتاء بارد ممطر، حيث كانت الفترة من ديسمبر/كانون الأول إلى منتصف مارس/آذار هي موسم الأمطار الأساسي. لكن لبنان يواجه هذا العام موجة جفاف غير مسبوقة؛ على سبيل المثال، في يناير 2024، تلقى لبنان متوسط 191 مليمتر (7.5 بوصة) من الأمطار، وهو ما يتجاوز بكثير معدل هطول الأمطار القريب من الصفر هذا العام. ومن المتوقع أن يعطل غياب الأمطار خلال هذه الفترة الحرجة الدورة الهيدرولوجية الطبيعية، والتي تعد ضرورية لتجديد الخزانات وإمدادات المياه الجوفية ودعم النمو الزراعي. ومن شأن هذا الانحراف الدراماتيكي عن القاعدة أن يؤدي إلى تفاقم ندرة المياه وخلق تحديات زراعية في البلاد. إضافة إلى ذلك، تعاني البنية التحتية للمياه في لبنان من ضغوط كبيرة بسبب سوء الإدارة والتلوث. وتعاني أنهار البلاد والمناطق الساحلية من التلوث الناجم عن الآبار غير القانونية ومياه الصرف الصحي غير المعالجة والصرف الصناعي والجريان الزراعي، مما يؤدي إلى تدهور النظم البيئية المائية ومصادر مياه الشرب. إضافة، يمهد الجفاف الحالي وانخفاض هطول الأمطار الطريق لارتفاع خطر اندلاع حرائق الغابات في الصيف، فجفاف الشتاء يترجم إلى جفاف الغابات والأراضي، التي تعمل كوقود لحرائق أكثر تواترا وشدة.
إن الجفاف الحالي بمثابة جرس إنذار للبنان وجميع المنظمات غير الحكومية العاملة في لبنان لمعالجة التحديات المتعددة الأوجه التي يفرضها تغير المناخ، والتي تتفاقم بسبب عدم الاستقرار الاقتصادي والاوضاع الراهنة. إن تنفيذ ممارسات إدارة المياه المستدامة، والاستثمار في التقنيات الزراعية المرنة، وتعزيز الاستعداد للكوارث هي خطوات حاسمة نحو التخفيف من الآثار السلبية لتغير المناخ، كما إن لبنان، بموارده المائية المحتملة وموقعه الجغرافي الاستراتيجي، قادر على أن يكون مصدراً حيوياً للمياه للمنطقة إذا ما أدير بشكل صحيح.

اترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *