
في أواخر القرن الثامن عشر، كانت المملكة الفرنسية تتكون من ثلاث طبقات، الطبقة الحاكمة والحاشية أو ما يسمى بالنبلاء، طبقة رجال الدين والطبقة العاملة أو عامة الناس. كان رجال الدين والنبلاء يملكون كل شئ وكان العامة فلاحون يعملون مقابل أجر زهيد ومع ذلك تثقلهم الطبقة الحاكمة بدفع كل الضرائب. بعد أن أنهكت المساعدات المادية التي قدمتها فرنسا لمساندة الحرب الأهلية في أمريكا وللدفاع عن مستعمراتها في أمريكا الشمالية، اضطر الملك لويس السادس عشر لرفع الضرائب مرة أخرى على الطبقة العاملة. أثار ذلك حفيظة الشعب، فقاموا بثورات ضد النظام الملكي وأسقطوه خلال ثلاث سنوات.
انقسم الثوار بعد ذلك إلى ثوار معتدلين وآخرين متطرفين كانوا يسمون اليعاقبة نسبة لدير القديس يعقوب الذي كانوا يجتمعون به. ضمت هذه الجماعة سياسيين وصحفيين ومواطنين، وأعلنوا أن حربهم ليست فقط على الملكية الفرنسية، بل هي ضد كل نظام استبدادي لا يؤمن بالمساواة وكل معارض لا يشاطرهم الرأي. فداهموا البيوت وحاكموا دون اتخاذ أي إجراءات قانونية، فاستحلوا بذلك اعتقال الكثير من الناس على أساس أنهم أعداء للحرية، وسيق الالاف منهم إلى المقصلة. سميت هذه الحقبة بحقبة الإرهاب الفرنسية وقد راح ضحيتها مابين العشرين أو الأربعين ألف شخص.
بالطبع اشتهرت هذه الثورة بدمويتها، لكنها ساهمت في تغيير المفاهيم السائدة أنذاك في فرنسا خصوصا وأوروبا عموما، فقد كانت الثورة بداية لإنتهاء الملكيات، كما كان لها دور في تغيير المفاهيم الحديثة إذ أنها الحجر الأساس لما تستند إليه الدول والقوانين فيما يخص حقوق الإنسان والمساواة الإجتماعية وسيادة المواطنين وتكافؤ الفرص.