فترة الكساد العظيم

كانت فترة الكساد العظيم التي امتدت من عام 1929 إلى عام 1939 انكماشًا اقتصاديًا عالميًا حادًا بدأ بعد انهيار سوق الأسهم الأمريكية في 29 أكتوبر 1929 والمعروف باسم الثلاثاء الأسود. وقد أدى هذا الحدث الكارثي إلى انخفاض كبير في الإنفاق الاستهلاكي والاستثمار مما تسبب في فشل الأعمال التجارية على نطاق واسع وارتفاع معدلات البطالة. وواجهت البنوك التي كانت قد ضعفت بالفعل بسبب القروض السيئة وعدم الاستقرار الاقتصادي عمليات سحب هائلة مع اندفاع المودعين الخائفين لتأمين أموالهم. فأدت هذه الأزمة المصرفية إلى تفاقم التدهور الاقتصادي ولانخفاض كبير في الائتمان والنشاط المصرفي.

كانت الآثار العالمية للكساد الكبير عميقة، فقد تراجعت التجارة الدولية بأكثر من 50% وارتفعت معدلات البطالة إلى مستويات غير مسبوقة. وفي أوروبا أدى الانكماش الاقتصادي إلى اضطرابات سياسية واجتماعية كبيرة. كانت دول مثل ألمانيا والنمسا تعاني بالفعل من تعويضات ما بعد الحرب العالمية الأولى والتضخم المفرط، وأدى الكساد إلى تفاقم هذه المشاكل مما ساهم في عدم الاستقرار السياسي وصعود الحركات المتطرفة. ففي بريطانيا أدى الضغط الاقتصادي إلى ارتفاع معدلات البطالة وتدابير التقشف الشديدة، بينما واجهت فرنسا الإنقسام السياسي والتغييرات المتكررة في الحكومة. أما في آسيا فقد عانت دول مثل اليابان من ضائقة اقتصادية شديدة والأمر الذي ساهم في سياساتها العسكرية كوسيلة لتأمين الموارد والأسواق. وشهدت بلدان أمريكا اللاتينية التي تعتمد اعتمادًا كبيرًا على الصادرات انهيار اقتصاداتها مع انخفاض الطلب العالمي على سلع مثل البن والسكر والقصدير.

ويظل الكساد العظيم فترة محورية في التاريخ حيث سلط الضوء على نقاط الضعف في الاقتصاد العالمي وأكد على الحاجة إلى التعاون الدولي والسياسات الاقتصادية الفعالة لمنع وقوع مثل هذه الكوارث الاقتصادية الواسعة النطاق في المستقبل.

اترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *