
في مثل هذه الأيام الربيعية ينشغل سكان بعض القرى اللبنانية بموسم قطاف زهر “البوصفير” أو النارنج كما يعرف في بعض البلدان العربية، أو البرتقال المر صاحب الزهور العطرة الفواحة التي دفعت المواطن اللبناني إلى صنع مطيب “ماء الزهر” و المربيات والأطعمة والعقاقير… تعتبر صناعة ماء زهر الليمون من خلال تقطيره من الحرف العريقة والموسمية في شمال وجنوب لبنان وتتركز بكثافة في بلدتي القلمون- قضاء طرابلس في محافظة الشمال، ومغدوشة- قضاء صيدا في جنوب لبنان. يشتهر أبناء هذه القرى ببراعة وإتقان الأجيال المتعاقبة فيها بقطاف الزهر المتفتح والذي على وشك التفتح قبل أن يصبح ليمونا، ومن ثم تقطيره لساعات طويلة لاستخراج ماء أبيض مقطر يطلق عليه اسم ماء الزهر أو الذهب الأبيض.
يبدأ موسم قطاف أزهار الليمون عادة في الثلث الأول من شهر مارس(آذار) ويستمر حتى نهاية ابريل (نيسان)، ولا يخلو منزل لبناني من قارورة ماء الزهر، وهو يستخدم في صناعة الحلويات العربية كالمعمول والمهلبية والبقلاوة والرز بحليب وغيره، ويقدم في فنجان قهوة مع الماء والسكر، ويطلق عليه اسم القهوة البيضاء. وبالإضافة إلى كونه منكها للمأكولات، لماء الزهر فوائد صحية عدة فهو مهدئ للأعصاب، يفيد في حالات التخمة والغازات وآلام تشنجات البطن، ويرطب البشرة الحساسة والملتهبة… هكذا حافظت شجرة النارنج على وجوده