
إن اللغات، سواء كان يتحدث بها مئات الملايين من الناس، أو يتحدث بها بضعة آلاف من المتحدثين الأصليين، تربط بين الناس وترتبط ارتباطًا وثيقًا بالثقافة المعنية وفي بناء مجتمعات المعرفة الشاملة والحفاظ على التراث الثقافي، وفي حشد الإرادة السياسية لتطبيق فوائد العلم والتكنولوجيا في التنمية المستدامة. ومع ذلك، وفقًا لتقديرات اليونسكو، تختفي لغة واحدة كل أسبوعين – وهي خسارة لا يمكن تعويضها لتراثنا الثقافي الجماعي.
اليوم الدولي للغة الأم، 21 فبراير، هو احتفال سنوي عالمي لتعزيز الوعي بالتنوع اللغوي والثقافي والتعدد اللغوي. أُطلق بمبادرة من منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونسكو) في عام 1999، ويصادف عام 2025 اليوبيل الفضي للاحتفال بيوم اللغة الأم.
مع وجود ما يقرب من 8324 لغة في العالم اليوم، فإن العديد منها معرض لخطر الاختفاء بسبب العولمة والتغيرات المجتمعية. لذا يجب تسليط الضوء على اهمية ضمان دعم التعلم باللغة الأم لتحسين نتائج التعليم، حيث يُظهِر الطلاب الذين يتم تدريسهم بلغة يفهمونها تمامًا مهارات أفضل في الفهم والمشاركة والتفكير النقدي. إضافة أن التعليم المتعدد اللغات، وخاصة لغات الأقليات واللغات الأصلية، لا يعزز المجتمعات الشاملة فحسب، بل يساعد أيضًا في الحفاظ على اللغات غير المهيمنة ولغات الأقليات واللغات الأصلية، وهو حجر الزاوية لتحقيق المساواة في الوصول إلى التعليم وفرص التعلم مدى الحياة لجميع الأفراد مما يساهم في مجتمعات أكثر شمولاً ومساواة.
و يُعد تعزيز التعليم باللغة العربية من الأولويات في الدول العربية لأنّه يعكس أهمية اللغة في الحفاظ على الهوية الوطنية، ويُعزّز ارتباط الأجيال القادمة بتراثهم الثقافي والتقليدي في عالم تتزايد فيه وسائل الإعلام الرقمية. ومن الضروري أيضا تسليط الضوء على أهمية الحفاظ على اللهجات المحلية التي تعتبر جزءاً أساسياً من الهوية الثقافية لكل منطقة و جزءاً من التراث والتاريخ الذي يعكس تقاليد وعادات الشعوب. يمكن للناس أن يدركوا، من خلال الاحتفال بهذا اليوم، قيمة هذه اللهجات في الحفاظ على الروابط الاجتماعية والتاريخية، مما يُسهم في تعزيز الفخر بالتراث الثقافي المحلي وحمايته من الانقراض أو التهميش.