
كما ذكرنا في مقالتنا الأولى والتي عنوانها “الغضب وأنواعه”، فإن الغضب هو إحدى مشاعر الإنسان الأربعة الأساسية، حالهُ حال الشعور بالسعادة أو بالحزن أو بالخوف. ويختلف تعريف الغضب من شخص لأخر حسب أسبابه، وحِدته، وطريقة التعامل معه، ومُدته، وطريقة التعبير عنه وفي مقالتنا هذه سنتحدث عن أهم مُسببات الشعور بالغضب.
يتكون الشعور بالغضب عادةً، نتيجة توفرّ عدة عوامل، أولها وجود حدث مُحفزّ، قد يكون موقف أو فعل أو كلام يُحفّز الإحساس بالغضب لدى الشخص المُتلقي، والعامل الآخر هو تكوين شخصية الفرد الذي يمرّ بهذا الحدث، وصفاته الفردية، وتاريخه النفسي والإجتماعي، وتقييمه للموقف، وطريقة تعامله مع الحدث ونضجه العاطفي في تعامله حين يغضب، وقد يختلف مُحفزّ الغضب من شخص لآخر، ولهذا نرى فروق كبيرة بين الناس في طريقة تعاملهم مع الغضب، فأن بعضهم قد يستطيع التغاضى عن مُسببات الغضب ولا يسمح لها بالتأثير عليه، بينما يستطيع البعض الآخر السيطرة على الغضب نفسه بعد أن يشعروا به، وقد ينفجر البعض الآخر مُعبراً عن غضبه وبطرق ومستويات مُختلفة، سنذكر لكم الآن وبشكلٍ عام، أهم أسباب الغضب المعروفة:
أولاً: بيئة الإنسان والمشاكل الشخصية والعائلية، والأوضاع الاجتماعية، التعرض للإساءة أو للخيانة أو الاستفزاز، الشعور بالتهديد، الإجهاد، الرفض، إسترجاع ذكريات مثيرة للغضب. ضغوطات الالتزامات المالية والديون.
ثانياً: الإضطرابات العقلية، والنفسية، والعصبية والتغيّرات الهرمونيّة، سواءاً كانت نتيجة إدمان كحولي أو تعاطي مُخدرات، أو نتيجة مرض نفسي أو عضوي.
ثالثاً: العوامل الوراثيّة، حيث تلعب الوراثة وطبيعة جسم الشخص، دوراً مُهماً خصوصاً في التعامل مع بعض المواد الكيميائيّة التي يفرزها الدماغ، والهرمونات التي تُفرز قبل أو عند الغضب، ففي حالة عدم قدرة الدماغ على التفاعل بشكل طبيعيّ مع هرمون السيروتونين، سيكون من الصعب جداً السيطرة على المشاعر أو التحكم بها.
وبالرغم من مُساهمة الغضب في بعض الأحيان في التخلص من بعض أنواع الألم النفسيّ والضعف، حيث يتحول الشعور بالهزيمة، أو عدم القدرة على فعل شيء ما، يتمّ تحويل هذا العجز والضعف إلى حالة من الغضب الفوريّ، الأمر الذي قد يُوفّر الإحساس بالتحكّم والسيطرة، فضلاً عن استغلال الغضب لدعم الشعور بالقوة الذاتيّة، وحماية النفس من المخاطر المُصاحبة للأحداث المُسببة للغضب، إلا أن في الحالات العادية، فإن من المُهم معرفة أسباب الإحساس بالغضب، ومُحاولة فهمها وحلّها لتجنب الأعراض الجانبية السلبية التي تُصاحب الغضب.
نمتنى أن نكون قد سلطنا بعض الضوء على أسباب الغضب، نلقاكم في المقالة الثالثة والتي ستكون بعنوان التأثيرات السلبية للغضب.