
للنمل نظام يومي يعتبر من أكثر الأنظمة تعقيداً ودقة في الكون، والتقسيم الحكيم للعمل بين هذه المخلوقات الصغيرة أمر لا ينبغي الاستهانة به أبداً، فالملكات والعاملات والجنود كلٌّ منهم يؤدي مهامه على أكمل وجه، بل إن هناك نملاً يضحي بحياته من أجل الخلية، فمثلاً تضحي يرقة نملة النساج في تايلاند بمادتها اللزجة التي هي طعامها، حتى تتمكن النملات الأخرى من استخدامها كمسدس غراء لربط أوراق الشجر معاً لإنشاء منزل معلق في الهواء.
تعيش نملة المزارع في غابات الأمازون وتتبع أسلوباً متقدماً في الزراعة، حيث تبدأ عملياتها بقطع الأوراق والنباتات الأخرى وإحضارها إلى الخلية بمساعدة آلاف النمل، حيث يمنع بعضها الأعداء من قطع النملة الحاملة للأحمال، وبعضها الآخر يخفف الحمل بين الحين والآخر. وعند وصول النمل إلى الخلية يقوم بتعقيم النباتات التي جمعها لمنع أي بكتيريا من دخول الخلية، ثم يقوم بتسليمها لمجموعة أخرى من النمل تقوم بسحق هذه النباتات ونشرها في حقل الإنتاج لاستخدامها كمادة خام لتخمير الفطريات التي يتغذى عليها النمل، ثم يتم حصاد المحصول وتوزيعه على النمل، ويتم التخلص من المخلفات الزائدة خارج الخلية.
وفي خضم هذه العمليات المعقدة، وفي مملكة النمل الزراعي، يتم تنظيم الطرق بحيث لا يتعطل النقل. فبعض هذه النملات تنشئ طريقًا متعدد المسارات، وبعضها الآخر يؤمن الطريق من الأعداء، وبعضها يزيل العوائق ويصلح الطرق بطريقة تعاونية متناغمة وأخلاقية ومعقدة للغاية.