
اللهجة العراقية انفردت بعدد كبير من المفردات والمُصطلحات تُميزها عن اللهجات الأخرى، والتي توارثتها الأجيال عبر العصور، بعضها يعود أصلها إلى آلاف السنين، إلى بداية عصر حضارة بلاد الرافدين. بالإضافة الى تأثر مُفردات القاموس العراقي كثيراً بما شهده البلد من غزوات على مر العصور، أسباب تمسك العراقيين ببعض الكلمات القديمة جداً ودمجها مع اللهجة العراقية العامّية تعود إلى تركيبة الفرد العراقي ومزاجيته، فهو يحافظ على أصالته من جهة ويندمج مع الحداثة من جهة أخرى، فالعراقي مُتفتح وغير مُنغلق على نفسه، بل يتفاعل مع الحضارات الأخرى في أنماط الحياة كافة، ومن بينها اللهجة.
لِنبدأ باللغة السومرية المعزولة اللاسامية والتي لا تشترك في أصولها مع اللغات العاربة، وهيّ أقدم لغة مكتوبة بالعالم، تكتب بالحروف المِسمارية، وتعود إلى 5 آلاف سنة قبل الميلاد، قد تركت بصمتها في كثير من المُصطلحات الزراعية والتجارية والقانونية في اللهجة العراقية المُعاصرة. المفردات السومرية المُستخدمة في اللهجة العراقية كثيرة، نذكر منها كلمة “التِبَلْية” يُطلق أداة الفلاح لصعود النخل، وكذلك اسم النخلة الصغيرة “تَاله”، و”حِب” وهو وعاء كبير من الطين يحفظ فيه الماء، و”حَالوب” للمطر المُتجمد، وكذلك كلمة “زُوري” وهو السمك الصغير، و”جِرّي” لنوع من أنواع السمك ليست له حراشف، وأسماء بعض النباتات مثل “كُرَاث، كَمّون، شّنّان”، فهذه جميعها كلمات سومرية ما زالت حيّة في اللهجة العراقية.
أما اللغة الأكدية، وهي لغة ساميّة شرقية قديمة تُعدّ من أقرب اللغات للعربية القديمة. فمن الكلمات الماثلة على لسان العراقيين كلمة “شِعْواط”، وهي كلمة آرامية تعني “رائحة الحريق”، وهناك كلمة “سَنْطة” التي يستعملها العراقيون بمعنى الهدوء والسكينة، وأصلها كلمة آرامية تحمل المعنى نفسه، وكلمة “تَنْبَل” وجمعها “تَنابِل”، وهذه المُفردة تصف الشخص الكسول في السومرية، ويطلقها العراقيون على الشخص كثير النوم والعاطل عن العمل.
ومن الأمثلة على الكلمات القديمة المُستخدمة حالياً، هي كلمة “زَقْنبوت” وتعني في اللغة الأكدية “السُمّ” وهي دعاء على الشخص بالشرّ.
وهناك بعض الكلمات القديمة استعملت لغير معناها الأصلي، مثل “چي” قديماً كانت تُضاف بعد الإسم للإحترام، لكن العراقي أضافها إلى المهنة، مثل “باچة چي” أو “چاي چي” وغيرها.